لم أكن أعرفها من
قبل .. لم أكن أسمع عنها!! على الرغم من إطلاعي على مقالات نقدية لثلاثيتها "غرناطة"،
ولأن عادتي أن أقرأ وأستمتع فقط بالكتاب دون النظر أو الالتفات إلى الكاتب وحياته الشخصية،
فلم ألتفت لها في بداية الأمر، إلى أن آتت إلى إحدى صديقاتي والسعادة ترتسم على ملامح
وجهها وترفع في يدها "أثقل من رضوى" كان في سبتمبر من العام الماضي على ما
أذكر.
أخذت الكتاب بشغف
لأطلع عليه ومن ثم قلت لها .. لقد قرأت لها حوار على صفحتيين في الشروق، وكانت تحكي
عن أثقل من رضوى، كذلك قرأت أن العديد ينتظر هذا الكتاب.
لم أكن أعلم ما السر
في رضوى إلى أن قرأت كتابها .. حقيقة استعارته من صديقتي من قبل أن تبدأ حتى هى بقراءته.
لم أكف عن قراءة
الكتاب قبل أربعة أيام كانت هى المدة التى قرأته فيها على فترات متقطعة نظرًا للعمل
وزحمة الحياة.
الغريب إنه يعد نوع
من أنواع كتابات السير الذاتية الوثائقية حيث أكره، ولكنى هذه المرة أحببته وأحببت
رضوى، وقررت أن أقرأ لها المزيد، فبدأت في المقالات الخاصة بها والمتوفرة على المواقع
الإلكترونية، كنت أستمتع بكتابتها شعرت إنها تحاصرني عندما تكتب تجلس معي وتحكي لي
وتُعلمني بأدق التفاصيل دون ملل، تفاصيل أنا حقًا في حاجة لمعرفتها لأكُّون في ذهني
تلك الصورة ويكتمل المشهد السينمائي للرواية.
أثقل من رضوى
كان أول كاتب كامل
أقرئه لها كما ذكرت بدأت أنا من حيث أنتهت هى ..استعجب دائما تلك الحياة.
فأثقل من رضوى، كان أول كتاب يحكي السنوات الثلاث للثورة بهذه الشاكلة، كانت
تحكي لمتابعتها وشغفها عن الأحداث ووجعها لغربتها أبان الثورة، كنت أقرأ وأقول لها
في ذاتي لم يفت عليكِ الكثير، شعرت بروعتها عندما حاربت الألم ولم أكن أعرف كيف نواجه
كل تلك الصعاب حتى وإن واجهتها وحدي من قبل دون معرفة السبيل.
كيف فعلتِ هذا؟ وكيف
لك الاستمرار فى الفعل؟
أجابتنى وابتسامتها
على وجهها تملئه نورًا:
لا يمكنك أن تسألي من بالمخاض كيف تدفعين بطفلك للحياة؟ وكيف تهتمين به فى عز تعبك؟ فأنت مرهقة من الحياة، ولكن القدرة على المواجهة لديك طبيعية غريزة، تمسكِ بها.
هاجمتنى حينها إحدى
أعز صديقاتي حول سؤالي، وقالت لي:
عندما سألتيها شعرت
إنك ستكونين صحفية قوية تسأل لتجاب بإجابات قاطعة عن أشياء لا نعرفها.
لم تكن تعلم صديقتى
أن في سؤالي مغزى هو .. كيف واجهت رضوى عاشور الموت؟
كيف استمرت في مواجهته
مرة والثانية والثالثة، والعديد دون أن تخشاه؟
لم تكن تعلم إن
الإجابة التى كنت أنتظرها هى واجه الموت بالتمسك بمن تحب، ربما هذا ما كنت أرغب فى
سماعه.
ففي حين إننا رأينا
الموت أبان الثورة على مدار أيامها وكنا نعلم إننا سنواجهه حتما وكنا نعلم إنه ربما
سيأتى بغته دون أن نشعر كان ما يحركنا لمواجهة حينها هو الغضب من الظلم.
ولكن مازالت أسأل
إذا لم أكن غاضبة فكيف لى أن أواجه الموت كما فعلتِ أنت يا أستاذتي .. سؤالي باق ولن
تجيبه رضوى عاشور لأنها الآن ربما تبدأ معركتها معه .. تبدأ كما أعتادت على المواجهة.
أتذكر عندما قابلتها
.. كنت أتعجب من حالي كيف لم أكن أعرفها وأنا أعرف زوجها وابنها معرفة وثيقة من خلال
كتابتهم.
كيف لم أكن أعرفها
من قبل .. وكانت إجابتى لحالى .. الوقت لم يتأخر بعد .. فيكفي إنك قد تمكنتِ من رؤيتها
في زحمة تلك الحياة حتى وإن كانت مرة واحدة فهى تكفي، لأن أذكرها على مدار عمري.
لأكمل لحالي، يكفى
إنك ستتذكرين كلماتها لك عن أثقل من رضوى:
كنت أعمل بجهد حتى أنتهى من الكتاب .. كنت أخشى الموت قبل أن يكتمل وكنت أشعر إنى أحارب من أجل ختامه، حتى إنك ستلمسى استعجالى فيه.
علمتنى رضوى
الحرب من أجل الحياة
.. فدائما نملك ما نقدمه فلا يجب أن نستسلم قبل أن نتم العمل؟
وسألت حالها عن لساني .. من علم أولاد الفلاحين القنص؟لن أنسى كلماتها لى .. فأنا دائمًا فى المخاض وعليّ أن أخرج وليدي للحياة.
لا أستطع قول وداعًا رضوى وإن قالتها دموعى
من قبل، ولكن يكفى إني كتبت عنك اليوم ما أردت أن أقوله من عام مضى.
أستاذة في التنكر أم شخصية مركبة الخلق تجتمع فيها النقائض والأضداد؟
أثقل من رضوى
تعليقات
إرسال تعليق